الحشد الشعبي على أبواب عين بني مطهر


الحشد الشعبي على أبواب عين بني مطهر

بقلم : د. عبد القادر فيلالي – من الكويت العاصمة

تُسنُّ السكاكين وتُبردُ السيوف وتصبح الجنبات أكثر حدة بعد أن شُحذت بشكل دقيق. ثم تتراص الحناجر آذنة إنطلاقة حملة الحشد الشعبي في مهمة إزالة الآخر من على الطريق. يستغل المقاول القبلي ضعف العامة، وقلة يدهم في حشد وشحذ أبناء البلدة في موسم الهجرة للصناديق الذهبية. تلك إذن هي صورة سريالية أصبحت تقض مضاجعنا كل حين .

الحشد الشعبي عبارة عن تلك الحاشية التي تدور في فلك ولي نعمتها. هذا الولي يحسن نسج خطاب الكراهية والتفرقة. يعتمد على أدوات التهويل والتخويف، راسما لنفسه صورة المنقذ. فيتم شحن أتباع وكأنهم غازين الفلوجة. لأنه في النهاية فإن مربط الفرس يكمن في إقصاء الآخر. وتتوارث الأجيال تلك النعرات بل تصبح مفخرة فتتم صناعة "الأبطال" وتنسج الحكايات والقصص الخيالية.

كنا نلوم آباءنا وأجدادنا وأصحاب العمامات بالأمس القريب كونهم لم يستطيعوا التحرر من الفكر القبلي، لكننا اليوم نلمس ونرى جيلا متعلما يكرس نفس الإديولوجية "اللي خرجت من الزريبة تأكلها الذويبة..". بالله عليكم هل من يتعامل بمثل هكذا خطاب جدير بتحمل مسوولية جهة بأكملها.

مقاومة المستعمر بالأمس كانت من أجل الدود عن الثغور وضحره باعتباره فسادا خارجيا. أما اليوم نحن بصدد مقاومة أخرى، من نوع آخر : إنها مقاومة بؤر الفساد الداخلي بإعتباره لا يقل فضاعة وخطورة عن المعمر لأنه يهدم الحصون الداخلية كونه آت من بني جلدتنا.

هل آباؤنا وأجدادنا قاوموا الإستعمار من خلفية قبلية ؟ لا ! بل كانت خلفيتهم جميعا وطنية. حيث العديد من مقاومي البلدة سجن إبان الإحتلال بسبب تصريحه أنه "وطني".

اليوم في ظل هذا الواقع المرير بمره وحلوه ولو أن مره أكبر بكثير من حلوه إلا أنه يبقى واقعا يفرض ذاته. أقول إنه من أجل عين بني مطهر المستقبل وفي ظل المتاح والممكن وجب أن يعمل كل من يحمل ذرة إيمان وذرة حب لعين بني مطهر. أن يجتهد ويُبدي نوعا من الإجتهاد وحتى لو كان يفتقد لشروط الإجتهاد في المعرفة والحكامة الرشيدة بأن يضع يده في يد الآخر الكفىء لكي نتمكن من تحقيق نتائج ولو على قلتها ستكون لا محالة إيجابية وعملية في إنتظار الآتي على النحو الذي نريده وننتظره ويكون في مستوى تطلعات أبناء وبنات البلدة. وهذا كله لن يتأتى إلا ببلورة فكرة التعايش إلى واقع التطبيق ولترجمة حقيقية للأهداف المنشودة وأكيد حينها أننا سوف نتفق على الوسائل التي تمكننا من الوصول إلى ذلك الهدف.

كل هذه الآمال لن تتأتى إلا إذا تنازلنا عن الأهواء الذاتية. فكلنا إخوة ولا يمكن للإخوة أن ينالوا مرضاة عين بني مطهر وهم في شنآن دائم ملؤه الحقد والضغينة، فيه يحتقر الكبير الصغير، ويستكبر الغني على الضعيف.

يذوب الجميع في بوثقة واحدة تؤسس لإنطلاقة عين بني مطهر الحقيقية. قد يبدو الأمر للوهلة الأولى هينا للغاية، لكنه ليس كذلك إلا في حالة إستحضار الإرادة القوية لدى الذات البركمية والعقلية البركمية من أجل الإنخراط في مشروع البناء الحقيقي للبلدة وذلك بإعتماد الخطاب التعايشي الذي يرتقي فوق الإعتبارات القبلية والعشائرية الضيقة. ماذا جنت العقلية القبلية لعين بني مطهر سوى التشردم والصراعات الثنائية.

العديد يسأل كيف وبماذا ؟ إنها أسئلة مشروعة تلامس أجرأة التنظير. إلا أن طريق الأجرأة طويل وعسير ويحتاج صبرا وجَلدا. السر يكمن في تحويل الخطاب التعايشي بديلا للخطاب القبلي. حينما نقبل أن يمثلنا في المجالس التمثيلية تاجر يبيع الأدوات المنزلية آت من مدينة تازة، أو عامل من مدينة فاس إستقر به الحال في البلدة، أو موظفة آتية من بني درار حينها يمكن أن نقول وداعا للحشد الشعبي

بقلم : د. عبد القادر فلالي – الكويت العاصمة

تاريخ النشر : 24-06-2016