معذرة عين بني مطهر ـ عبد القادر الفيلالي


لا تقربوا السياسة وأنتم بها جُهالى …فتحاشوها إن كنتم لها فُهامى

“لا تقربوا السياسة وأنتم بها جُهالى …فتحاشوها إن كنتم لها فُهامى”

هذا كل ما جادت به قريحتي الأدبية. حاولت نظم مقدمة غزلية أقف فيها أنا وحصاني باكيا بذكرى حبيبة عين بني مطهر فلم أجد سوى عيونا ذابلة، أهلكها الزمن وإغتصبتها أياد الجبناء في جنح الظلام. أردت أن أُنشد مدحا فوجدت بيئة ملوثة وغطاءًا نباتيا إلتهمتهُ الرمال. عرجت أشم عبق الأطلال فحتى الجرس العتيق لتلك المنارة سرقته عقول اليقطين.

جمعتنا وتجمعنا علاقات ود وأخوة ببعض الأعيان وأبنائهم، بمشبوهين ومدمنين، بصالحين وطالحين، المشترك الوحيد أنهم أبناء عين بني مطهر، هذه البلدة، البيت العامر، الحاضنة للجميع. ينطفىء هذا الوهج حينما يمارس أحدهم الرعونة الإحتقارية على الفقراء. رسمنا خطوطا لسقف تلك العلاقات التي وإن إستنشقنا فيها رائحة إذلال الضعفاء إنقلبت المعادلة لتصبح مسألة وجود.

معذرة عين بني مطهر،

لا يمكن لبلدة بحجم عين بني مطهر بطاقات أبنائها وبناتها، وهمة رجالاتها ونسائها أن تظل حبيسة مهاترات فاقدة الصلاحية. أنهكنا الصراخ والعويل وترديد نفس خطاب التيئيس والتبئيس. تحولت عين بني مطهر حقلا لتجارب عقول خشبية تطارد أحلاما باليةً.

إن الخلود في السلطة وهم، وفي المقابر ترقد أرواح الكثيرين ممن كانوا يظنون أن المجتمع لن يعيش بدونهم. لأن المعادلة الفزيائية للسلطة هي كالتالي: تجذبك السلطة، ثم تصبح مدمنا لها، ثم تلتهمك في الأخير.

إن كان ما يستحق من قام ويقوم بتدبير الشأن المحلي عليه التهنئة الحارة والتصفيقات العالية أن هؤلاء برعوا بل نجحوا في شغل الرأي العام للبلدة بحروب التحالفات والنعرات القبلية، والرعونة الفارغة.

معذرة عين بني مطهر،

إن إصطِياد البطة العرجاء أمر سهل، وقنص الغزال المنهوك متعة المبتدئين. نحن ندرك أنه حتى في بلدان الرفه الشعبي والإزدهار يصعب على من يتحملون عبىء المسؤولية الوفاء بوعودهم للمواطنين، بل ونعي صعوبة إدارة الأزمات وتدارك الخصاص فما بالك بعين بني مطهر وإمكانياتها. لكن هذا لا يعفي أن نقول لهؤلاء إن لكل مقام مقال، وإن تلطيخهم لأسمائهم رهين بما تعبث به أياديهم.

معذرة عين بني مطهر،

حجج مثل قلة الإمكانيات والموارد والأزمات، وكثرة المأدبات لم تعد تجد صدى، بل نحن أمام أزمة حكامة حقيقية. بعيدا عن الجدال البزنطي وهرطقات الرويبضات فإن عين بني مطهر تغرق…

لسنا في موقع الإفتاء وتقديم الوعظ. الذي ندركه أن أناسا يئنون صمتا و يتعذبون لحظة بلحظة في الخفاء و لا أحد يكترث، بل ما نراه هو “أنا وبعدي الطوفان”.

فليعلن كل من يحس بغرق عين بني مطهر عن وجوده وعن حبه لها ممارسة وليس هلوسة.

عبد القادر فيلالي

تاريخ النشر: 08- ديسمبر -2015