من صميم سيرة ذاتية رحلة الهجرة إلى أوروبا عبر طرابلس


من صميم سيرة ذاتية رحلة الهجرة إلى أوروبا عبر طرابلس

المصدر : رمضان بنسعدون

إستهوتني الهجرة إلى أوروبا عقب مغادرتي للدراسة و كانت رغبتي جد جامحة في ذلك و قبل ذلك لم أدع ورشا للبناء إلا و عملت به بمكناس بحي سيدي بابا و بفاس في ورش بناء أكبر فندق بشمال إفريقيا زرهون و بأوراش البناء بطريق سيدي يحيى بوجدة و بوسط المدينة حتى تورمت يداي و إنسلخت ، و كثيرا ما قمت ببيع المواد و الملابس المستعملة في " جوطية " وجدة ..

و قبيل الإستعداد للهجرة جمعت كثيرا من عناوين المعارف من الأصدقاء بإسبانيا و فرنسا للإتكاء عليها هناك كلما دعت الضرورة و تكون الفرصة سانحة ..

فحاولت ركوب موج المتوسط عبر قوارب الموت إنطلاقا من "بوعرك" ضاحية الناظور لكن حظي كان عاثراً في أزيد من محاولة ، فوليت وجهي شطر المغرب العربي و ولجت عالم التجارة عبر الشريط الحدودي مستهل تسعينيات القرن المنفلت بعد التقارب المغربي الجزائري و كنت أعبر مدن الغرب الجزائري كبائع متجول من بشار جنوبا إلى أولاد ميمون شمالا مرورا بمشرية ، سبدو و تلمسان ثم أولاد ميمون فقرية تاكمة و في محور آخر بوقطب ،

الخيثر سعيدة و معسكر و بعض القرى حتى وهران و محور آخر ، تلاغ و تيسكار ، بلعباس و حاسي زهانة و المالح و عين تموشنت في بيع الكسوة و الجينز و الأحذية الرجالية و النسائية و الحجاب و البراريد و "صابون الريحة" و كتب صناعة الأقمصة الصوفية و غيرها و لما تعرف علي الجمارك خلال سفرياتي المتكررة فقاموا بألقاء القبض علي بعد إفشاء سري خلال حاجز منتصب على بوابة مدينة تلمسان و لما وجد أحد رجال الأمن مهنتي فلاح بجواز السفر قال لي هل كرهت الأرض مازحا ..

و بعد إطلاق سراحي عملت خبازا بمدينة المشرية لمدة عام تقريبا فإنتهزت الفرصة بمعية أحد أبناء بلدتي عين بني مطهر و 3 جزائريين لامتشاق تجربة الهجرة عبر طرابلس صوب إيطاليا إذا سنحت الظروف فإمتطينا سيارة إنطلاقا من الجزائر العاصمة مرورا ببرج بوعريريج فباتنة حتى تخوم المدينة الحدودية تبسة إلى طرابلس و قبلها مررنا بقفصة و صفاقس و مدنين و بن قردان بأرض تونس ثم طرابلس فمكثت في العاصمة الليبية مدة عامين أعمل إسكافيا بمعية سودانيين و قبل أن ألج ورشة العمل لدى أحد الإسكافيين المشهورين بطرابلس

عملت منظفا للسيارات أمام متحف طرابلس على ساحل ليبيا المتوسطي أين تتواجد نظارات و كسوة الشهيد البطل عمر المختار و إحتككت في تنافس يومي على إستقطاب السيارات مع المواطنين الأفارقة الكونغوليين و التشاديين و الكامرونيين و المصريين و الفلسطينيين و التونسيين و الجزائريين و الموريتانيين و من سيراليون و كوت ديفوار بغرض كسب الرزق عن طريق تنظيف السيارات

و كنا جميعا نجتمع بمقهى المغاربة وسط طرابلس نفترش و نتغطى وسط ساحتها بالكارطون و نبيت نتجاذب أطراف الحديث المتبادل عن عادات و تقاليد بلداننا حتى نتماثل للنوم بحيث أن جو ليبيا حار و صيفي طيلة السنة كنت في بعض الأحيان أحضر لمؤتمرات اللجان الثورية الشعبية تحت الرئاسة الفعلية للقائد معمر القذافي لإلقاء الخطب و كنت أقتني جرائد ليبيا

و ذات يوم قرأت خطاب ذكرى جلوس معمر القذافي على كرسي الرئاسة في العام 1969 و كان خطابا مدويا حيث أشار فيه إلى أن الحروب القادمة ستنشب حول الماء و الجميع سيتوجه إلى فلسطين حيث يتواجد الماء بكثرة و في بعض المرات كنت أذهب إلى مكان تعليم الرماية بالمسدسات و كان صاحب ورش صناعة الأحذية يستغلني قي سقي ضيعته الفلاحية و تعليف الأبقار و جني التمور من خلال تسلق أشجار النخيل و ذات يوم و بعد أن فتحت بوابة الإسطبل و سمعت إطلاق نار و قبل أن آخذ النقالة

وجدت بها الرصاصة لا تزال ساخنة و حملت التمر كعلف للأبقار و سقيت الضيعة لأن النظام الليبي كان يضع الثروة و السلاح في يد الشعب وفقا لكتاب معمر القذافي الأخضر الذي كان أحد المغاربة يحاول في أكثر من مرة تصحيح بنوده لكنه طرد من قبل معمر القذافي و كنت مولع بمتابعة برنامج "مع الثائرين في مواقعهم" المبثوث عبر أثير إذاعة ليبيا ..

و قد جربنا الهجرة إلى جزيرة أمبيدوسا لكن المحاولات باءت بالفشل الذريع فعدت أدراجي إلى وجدة لأعمل في عالم الصحافة في جريدة النخبة و الصباح الرياضي و الشرق الجهوية ..

من صميم سيرة ذاتية رحلة الهجرة إلى أوروبا عبر طرابلس

تاريخ النشر: 14-10-2018 م